التصوف الاندلسي الجذور والامتدادات
يرجع الصوفية نشأة مذهبهم إلى أصول الاسلام وواقعه، وأنه
مستمد من حياة الزهد التي كان يعيشها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إلا ان
الكثير من الباحثين اختلفوا حول نشأة هذا المذهب ومصادره وأصوله.
برى البعض ان التصوف مرتبط في اصوله بالرياضات الروحية
للهنود القدامى، ويرد البعض الاخر مصدر نشأته الى الاصول الايرانية القديمة، وان
جذوره تضرب في الديانة المسيحية واليهودية.
رغم هذا الاختلاف في النشأة الا أن الامر المؤكد حسب
الاغلبية أنه رغم النشأة الاسلامية لهذا التيار الا انه تأثر في تطوره ونشأته
الاولى مثل كل العلوم برواسب دينية ثقافية قديمة مرتبطة بالرهبة المسيحية
والافلاطونية المحدثة وغيرها.
إن صورة التصوف الاندلسي هي ما يعكس هذا الراي ويؤكد هذا
التطور الذي عرفه التصوف الاسلامي عامة، فقد كان في البداية زهدا بسيطا يستمد
أصوله من الدين الاسلامي، ثم صار في بعض مراحله وعند بعض مدارسه تصوفا مغرقا في
الكشف سالكا طرق الفلاسفة الاشراقيين، ومشبعا بالافكار والاعتقادات الغنوصية
والهرمسية.
الجذور: من أشهر زهاد الاندلس الاوائل الذين اعتمدوا في
تصوفهم على الزهد والتقشف بعيدا عن أي مغالاة وتعمق فلسفي، نجد التابعي الجليل حنش
بن عبد الله الصنعاني الذي عرف باستغراقه في العبادة وقراءة القرأن ، ونعمان بن
عبد الله الحضرمي.
وممن عرف في القرن الثاني الهجري من زهاد الاندلس، ميمون
بن سعد وأبو الفتح الصدفوري، وفرقد السرقسطي، أما القرن الثالث فسيعرف بعض التحول
في المدرسة الصوفية الاندلسية بفعل احتكاكهم بالمدارس المشرقية وظهور أعلام كثيرين
في تلك المرحلة.
كما ستعرف هذه المرحلة الارهاصات الاولى لتأسيس المدرسة
الصوفية الاندلسية، ومع نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الهجري سيتقوى
التصوف وسيظهر بمظهره الجديد الذي طبع بالتأمل العقلي والوجداني الخالص، فكانت
معالم المدرسة الصوفية الجديدة تتشكل من خلال اتجاهين، ينعكس الاول في انعزال
الصوفية في اماكن خاصة للعبادة، والثاني في اصطدامهم مع فقهاء السلفية.
فالانطلاقة القوية لصوفية الاندلس بدأت في القرن الرابع
الهجري سواء الاتجاه الشرعي المعتدل، او المدرسة الجديدة التي وصفت بالباطنية
والاغراق في التأويل والاشارات والذي سيكون رائده الاكبر محمد ابن مسرة، هذا
الاتجاه الذي سيكون له تأثير كبير على تاريخ الفكر الصوفي عامة، والذي سيتزعمه ابن
مسرة وبعض اتباعه وخصوصا مرحلة ابن برجان التي ستكون الاقوى من بعد ابن مسرة ثم
مرحلة الذروى والريادة مع ابن عربي وسيليه ابن سبعين، وهؤلاء الاربعة هم رواد
التصوف الاندلسي اذ لا يمكن الحديث عن التصوف ببلاد الاندلس دون ذكر هؤلاء.
بعض المراجع
التصوف الاندلسي مبادئه واصوله، محمود علي مكي، مجلة
دعوة الحق ع 8-9
الحضور الصوفي في المغرب والاندلس، جمال علال البختي
تعليقات: 0
إرسال تعليق