تشير عدة تعريفات الى اعتبار المقدس دالا على ما هو ديني
وطقوسي، أو متعلقا بالرمزي في مقابل المادي، والمتعالي في مقابل السفلي.
ففي حين يحضر المقدس كمتعال وكمفارق ويحتل مكانة عليا في
النسق الرمزي للوقائع والتمثلات تبعا لتصور العالم القديم، بل إنه يصير دالا على
الالهي في مقابل البشري والدنيوي.
أما إميل دوركهايم فنجده يقترح زوجا تقابليا يتكون من
المقدس والمدنس للفهم والتفسير، وان الدين هو المؤسسة التي تفصل بين المقدس والمدنس،
كما يعتبر ان المقدس هو السمة الاساسية لتعريف الظاهرة الدينية، علما ان القداسة
في حد ذاتها تنتج عن المجتمع نقسه.
أما مارسيا إلياد فقد أكد على وجوب الخروج من فخ التعارض
بين المقدس والمدنس على اعتبار المقدس غير متماثل مع الالهي ولا مقابل للدنيوي،
وان المقدس هو تجلي للاهلي في الزمان والمكان، والطقوس هي التي تضمن إمكانية
العبور من الزمن العادي الى الزمن القدسي.
في حين يرى روجيه كايوا ان المقدس يحيل على خاصية ثابتة
أو عابرة تتمظهر في بعض الاشياء كأدوات العبادة والأمكنة والأزمنة وغيرها، فالمقدس
برأيه ليس صفة تمتلكها الأشياء في حد ذاتها، بل هو هبة سرية متى فاضت على الأشياء
والكائنات أسبغت عليها تلك الصفة.
فالمقدس عند كايوا يدل على قوة أو طاقة داخلية غامضة لا
يمكن تعريفها بذاتها فقط بل في علاقتها بالدنيوي، فالقداسة لا تختبر واقعا إلا في
إطار الممارسات الطقوسية للدنيوي.
أما الطقس فيعد ترجمة واقعية للمقدس، إنه تصريف اجتماعي
لسلطة المقدس، فالطقوسي هو الأفق الذي تتبين داخله بشكل غني ودقيق كل أنماط
المقدس.
فالرموز والطقوس تشكل جوهر المقدس، بل إن الولوج الى
المقدس وادراكه يتطلب في كل حين الانتباه للطقس والرمز، فالمقدس هو طاقة رمزية
بممارسات طقوسية، فعن طريق الرموز تتأتى قراءة المقدس.
فالطقس هو ما يسمح بفعل العبور من الدنيوي الى المقدس
لأنه يحين الزمن الأسطوري الأصلي، بوصفه الزمن المؤسس للأزمنة الوجودية
والتاريخية.
بعض المراجع
نور الدين الزاهي، المقدس الاسلامي
روجيه كايوا، الانسان والمقدس
مارسيا إلياد، المقدس والعادي
تعليقات: 0
إرسال تعليق