كيف تنبني الولاية الصوفية داخل النسيج الاجتماعي
يقدم الولي نفسه أو مشروعه في النسق الصوفي كبديل ثقافي
ديني سياسي لما يعتمل في الواقع، فالولاية هنا تحتمل بعدا احتجاجيا على ما هو سائد
ويتمظهر ذلك في الهروب من الواقع وانتقاده واللجوء الى الجبال وأطراف المدن كرد
فعل لرفظها لما هو داخل المجتمع باعتباره يمثل المدنس واللا صلاح في مقابل الصلاح
الذي يمثله الولي داخل وسطه.
ان المنفى المجالي الذي يختاره الولي يمكن اعتباره كمخاض
وولادة ثانية، فكل تجربة صلاح في هذا الاطار تتأسس بداية على وجوب القطيعة مع
الدنيوي بغية الاتصال بالقدسي، فالانفصال هو ما يثمر الاتصال، فالمنفى المجالي
الذي يختاره الولي يمكن اعتباره هنا كرحم للولادة بعد حمل افتراضي ينبني على ترويض
النفس ومجاهدتها حتى تتفوق على الدنيوي والمدنس وتظفر بارتباطها بالمقدس
والمتعالي.
فالولاة ليست مجرد هجرة نحو السماء والمتعالي، انها موقف
ورد فعل لما يعتمل في الارض، فالتناقضات القائمة بين الكائن والممكن دنيويا هو
العماد في نشأة بركة الأولياء، وعزلة الولي وانفصاله عن الدنيوي هو ما يفتح المجال
امام فيض البركة وظهور الكرامة.
إن حظور البركة كفعل رمزي هو ما يغذي الولاية ويؤسس
الاعتراف بها، فالبركة والكرامة وخرق العادة هو ما يعطي للولي سلطته ومكانته في
المجتمع عامة والمجتمع الصوفي خاصة.
إن العلم والصلاح والشرف والفعل...عناصر متعددة تسهم في
إنتاج الولاية، انها عناصر ضمن اخرى تنضمر وتتجلى، تجتمع وتتفرق في سير الأولياء.
اضافة الى العناصر المؤسسة فالولاية تحتاج الى شرط
الاعتراف بالوجاهة الدينية والفاعلية الصلاحية، فالولي عليه ان يبرر ويقدم ما يعضد
قوته الرمزية، فكرامات الولي هي الاساس الموجب للاعتراف بالفعالية الرمزية
للولاية.
تعليقات: 0
إرسال تعليق