-->

المشاركات الشائعة

التجربة الصوفية كمجال للدراسة

التجربة الصوفية كمجال للدراسة على مر تاريخ البشرية شكل حضور الديني واحدا من أهم المظاهر التي رافقت مسيرة البشرية في تطورها، سواء في المرحلة التي ارتبطت بتعدد الآلهة أو مرحلة نشدان الإله الواحد، حيث ظلت الفكرة الدينية لصيقة بالانسان، تصوغ له الاطار العقدي والنظري والمعرفي الذي سيمثل له بشكل أو بأخر إطاره الوجودي، ويحدد له علاقته بالوجود والطبيعة والحياة، في خضم هذه التركيبة الفكرية والثقافية الذي شكل الدين جزءا جوهريا فيها عمل –الدين- كموجه أساسي لمسار التاريخ الانساني. شكلت دراسة الدين والنسق الديني والجماعات الدينية وكذا الشعائر والطقوس حقولا معرفية غاية في الأهمية والعمق داخل مجال العلوم الانسانية، فبالاظافة الى العلوم الدينية اهتمت الفلسفة وعلم النفس والسوسيولوجية وكذا الانتروبولوجية بدراسة الدين، فتعددت الدراسات والأبحاث وأصبح الدين محور اهتمام لدى الكثير من الباحثين، وذلك لما يحتويه الدين ليس فقط من عوامل التشويق وما ارتبط بالغيب ولكن لأن الدين أيضا يخاطب الجانب الانساني الروجاني العميق في التكوين البشري. وقد شكلت التجربة الصوفية بكل أبعادها ومبادءها ومعتقداتها وكذا

أبو المحاسن يوسف الفاسي

أبو المحاسن يوسف الفاسي هو أبو المحاسن يوسف بن محد بن يوسف الفاسي، أحد كبار شيوخ التصوف بالمغرب في القرن العاشر الهجري، ولد بالقصر الكبير سنة 938هـ/1531م، وأخذ عن الشيخ عبد الرحمان المجدوب، ثم انتقل إلى فاس وأسس بها الزاوية الفاسية بحي القلقليين، توجد أخباره ومناقبه في كتب عديدة ألفت في ترجمته خاصة، منها: "مرأة المحاسن"، و "ابتهاج القلوب"، و"روضة المحاسن". توفي سنة 1013هـ/1604م. انظر: سلوة الأنفاس، الكتاني، ج2، ابتهاج القلوب، عبد الرحمان الفاسي، ص.179 وما بعدها؛ صفوة من انتشر، الإفراني، ص ص.78- 80؛ الإعلام بمن عبر، عبد الله الفاسي.

كيف تنبني الولاية الصوفية داخل النسيج الاجتماعي

كيف تنبني الولاية الصوفية داخل النسيج الاجتماعي يقدم الولي نفسه أو مشروعه في النسق الصوفي كبديل ثقافي ديني سياسي لما يعتمل في الواقع، فالولاية هنا تحتمل بعدا احتجاجيا على ما هو سائد ويتمظهر ذلك في الهروب من الواقع وانتقاده واللجوء الى الجبال وأطراف المدن كرد فعل لرفظها لما هو داخل المجتمع باعتباره يمثل المدنس واللا صلاح في مقابل الصلاح الذي يمثله الولي داخل وسطه. ان المنفى المجالي الذي يختاره الولي يمكن اعتباره كمخاض وولادة ثانية، فكل تجربة صلاح في هذا الاطار تتأسس بداية على وجوب القطيعة مع الدنيوي بغية الاتصال بالقدسي، فالانفصال هو ما يثمر الاتصال، فالمنفى المجالي الذي يختاره الولي يمكن اعتباره هنا كرحم للولادة بعد حمل افتراضي ينبني على ترويض النفس ومجاهدتها حتى تتفوق على الدنيوي والمدنس وتظفر بارتباطها بالمقدس والمتعالي. فالولاة ليست مجرد هجرة نحو السماء والمتعالي، انها موقف ورد فعل لما يعتمل في الارض، فالتناقضات القائمة بين الكائن والممكن دنيويا هو العماد في نشأة بركة الأولياء، وعزلة الولي وانفصاله عن الدنيوي هو ما يفتح المجال امام فيض البركة وظهور الكرامة. إن حظور ال
جميع الحقوق محفوظة للتصوف وسوسيولوجيا الظاهرة الدينية div>الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب

مدخل الى الكتابة المناقبية المؤلفة في أولياء الصوفية


مدخل الى الكتابة المناقبية المؤلفة في أولياء الصوفية

مدخل الى الكتابة المناقبية المؤلفة في أولياء الصوفية

يندرج هذا المقال في دراسة نوع من أنواع الفكر الديني التاريخي التي أفرزتها الحضارة العربية الإسلامية، سواء في مشرقها العربي أو في غربها الإسلامي، والمقصود هنا ما اصطلح على تسميته بــ «أدب المناقب».
يتطلب البحث في هذا النوع من الكتابة الإجابة على كثير من التساؤلات التي تفرض نفسها بإلحاح من قبيل: ما المقصود من عبارة أدب المناقب، وهل هناك تعاريف محددة لهذا النوع من الكتابة؟ ما علاقته بالتاريخ؟ متى وكيف وأين ظهر هذا النوع من الكتابة؟ وما العوامل التي ساعدت على ظهوره وازدهاره؟ وكيف تلازمت ولادته مع ظهور رجال اتسموا بالصلاح والولاية؟ ما موضوعه، وما منهاجه، وما طبيعة القضايا التي يطرحها؟ كيف يمكن تحليل هذا النوع من الكتابة وما الطرق المنهجية الكفيلة بتحليله وتركيبه وتقريبه إلى القارئ؟...
أسئلة كثيرة يطرحها موضوع أدب المناقب، لكن الإجابة عنها تستوجب بحثا مستقلا، والمقام هنا يفرض علينا عدم البحث في الكثير من قضايا وإشكالات هذا النوع من الكتابة، لذا سنحاول هنا الاقتصار على إعطاء صورة عامة حول طبيعة الكتابة المنقبية.
في القرن الثاني عشر الهجري، وصل فن كتابة المناقب أوجه وتمامه، فقد «حظي رجال التصوف وأرباب الزوايا بالمغرب بشتى أصناف التجلة والتبجيل من قبل الحكام والمحكومين على حد سواء لأجل ما اضطلعوا به من المهام الحيوية لصالح المجتمع والدولة منذ العهد المريني، فألفت فيهم كتب أسهبت في ذكر مناقبهم وآثارهم وكراماتهم، وهي الكتب التي اصطلح على تسميتها بــ أدب المناقب»([1]).
إن لكتب المناقب وكذلك التراجم أهمية كبرى في مجال التاريخ، ويعود تاريخ ظهور هذا النوع من التأليف إلى العصر العباسي، إلا أنه في المغرب الأقصى شهد ازدهارا وتطورا ملحوظا منذ القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي نتيجة اهتمام المؤلفين بهذا النوع من التأليف، وكذا انتشار التصوف الطرقي في المغرب، إضافة إلى تلك الحركات الجهادية التي قادها ضد العدو الأجنبي رجال اتسموا بالتقوى والصلاح بغية إصلاح الأوضاع العامة ببلاد المغرب الأقصى، وعلى العموم فقد احتفظت كتب المناقب إلى جانب كتب التراجم، بأسماء عدد كبير من الأولياء والصلحاء، كما دونت تدخلاتهم لحل الكثير من القضايا سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية التي شهدها المغرب خصوصا تلك المراحل التي شهدت ضعف السلطة المركزية وعدم سيطرتها على أمور البلاد.
وعلى العموم فكتب المناقب من «المؤلفات العربية التي تضم الكثير من المعلومات عن الأحوال السياسية والاجتماعية والأدبية التي سادت العالم الإسلامي... وهي تعتبر من المؤلفات التاريخية بل هي أثبت صور التعبير التاريخي وأشهرها»([2]). فالنص المنقبي نص مفتوح على الدوام، قابل لإضافات لا تنتهي من التاريخ والأدب والأخلاق... كما أنه «لا شيء ينفي أن تكون نصوص وضعت للمناقب وثائق لا غنى عنها لجوانب معينة من التاريخ، ومناجم لمواد صالحة للاستعمال التاريخي في جوانب أخرى على أساس نقد يتناول مواقفها، ولا شيء ينفي كذلك أن تستدعي نصوص موضوعية للتاريخ، اصطلاحا، تناولا يستكنه روحها المنقبية، وقد تكون في كثير من الأحيان أخفى من التاريخ في أدب المناقب الصريح»([3]) .
إن انفتاح النص المنقبي لا يقف عند حد الاتصال الوثيق بالتاريخ، بل يتعدى ذلك إلى مجالات معرفية أخرى، فهو يبدو مسترسلا ومتنوعا يتخلله شيء من التداعي يسمح له بالانتقال بين مجالات معرفية متباينة، مما يجعله يحمل في طياته العديد من الاستشهادات المختلفة من قبيل: الأحداث والوقائع التاريخية، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والحكم الأخلاقية، والأقوال الفلسفية، كما قد نجد المؤلف في كثير من الأحيان يضمن نصه نصائح تفيد ضرورة الاقتداء وأخذ العبرة. فالمهتمين بهذا النوع من التأليف قد غلفوا آراءهم وتصوراتهم بكل ما لذ وطاب من الأمثال والأقوال والحكم والحكايات، وألبسوا لغتهم حلة قشيبة متنوعة حتى لا يمل القارئ.
على الرغم من انفتاح النص المنقبي على مجالات معرفية متنوعة، إلا أن مختلف هذه المجالات تتحول إلى مجرد أدوات في خدمة ما يسعى إليه النص المنقبي وهو التعريف بالمؤلف فيه وذكر مناقبه- دون أن ينتمي لأي واحدة منها، فالمؤلف في هذا النوع من الكتابة يسعى إلى إبراز مثال «شيخ» ينبغي الاحتذاء به، وذلك من خلال إبراز سيرته الحسنة وذكر مناقبه وفضائله وكراماته، وهو يلجأ في ذلك إلى الكثير من موضوعات الأخلاق، إذ يبدو واضحا من خلال الاطلاع على نصوص المناقب أن موضوع الأخلاق حاضر بقوة.
وختاما يمكن القول إنه بالرغم من الاختلافات الثقافية للمؤلفين أو في ميولاتهم، إلا أن ذلك لا يؤثر في ماهية النص المنقبي، إذ نلحظ أن المؤلفين يذوبون معارفهم لخدمة النص المنقبي مهما كانت طبيعة المجال المعرفي الذي ينهل منه المؤلف.    


([1]) كتب المناقب وترسيخ الاعتقاد في الكرامات الصوفية، محمد العمراني، مجلة أمل قضايا في تاريخ الزوايا، عدد 35، 2009، ص.52.
([2]) الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية أو طبقات المناوي الكبرى، عبد الرءوف المناوي، تقديم وتحقيق وتعليق عبد الحميد صالح حمدان، المكتبة الأزهرية للتراث، ج1، ص.4.
([3]) التاريخ وأدب المناقب من خلال مناقب أبي يعزى، أحمد التوفيق، عرض نشر ضمن ندوة التاريخ وأدب المناقب، منشورات عكاظ، الرباط، 1989، ص.81.

khan socio
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع التصوف والظاهرة الدينية .

جديد قسم : articles

إرسال تعليق